أعتقد أننا نعيش أزمة أخلاق؛ فالحياة العصرية تعبث في عقولنا، وتغزو برفاهيتها كل معاني المثالية التي قامت عليها أخلاق وإنسانية الأديان، بالرغم من أن وجود الأخلاق ليست مرتبطاً بأي دين سماوي بل هو نزعة فطرية إلهية، يصطفي بها الله من يشاء، وإنما كانت جميع الأديان معززة ومتممة لمكارمها؛ لذا قد نجد من لا يعرف عن الدين أية أخلاق، لكنه يجسد مبدأ إنسانياً عظيماً، وهذا ما يخيف حينما يعرض توجهاته وأفكاره؛ لأن المجتمع يُكْمِن له القبول المطلق إلا من كانت مبادئه راسخة يستقي منها أصل ما أعجبه فيه مدركاً أنما هو مثال لم يحظَ إلا بقبول دنيوي..
الأمة اليوم تحتاج إلى أخلاق أكثر من حاجتها إلى وفرة العلم والثقافة؛ لأن أصل احتكاك المجتمعات قائم على نقطة واحدة، هي التعامل "السلوك" في إطار الأخلاق من عدمها. ومن هذه النقطة تبدأ بذرة التحام الشعوب وتفككها، مصداقاً لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضاً".. وشبك بين أصابعه. وقال أيضاً: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". ومن البداهة أن المرء لا يريد أن يُعامَل إلا بخلق الكرام، وهي مذكورة أيضاً في صحبة الوالدين بالمعروف ـ حتى وإن كانا مشركين ـ فكانت وصية الخالق سبحانه بالتخلق الحسن معهما، ومعاملتهما على أحسن وجه، يقول الله (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً).
إن العلم المتجرد عن الأخلاق هو في الحقيقة وبال، يُعاب على المرء فيه بأمرين، هما أنه لم يستفد من علمه.. بل كان أشبه - والعياذ بالله – بــ(الحمار يحمل أسفاراً)، وأنه أساء لما علمه من حيث لا يعلم.. ولربما كان هذا العلم زيادة عليه في الحجة، ويفقد مع علمه تلك منزلة جوار النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال: "إن أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً".
ومن هنا نعلم أن حسن الأخلاق والتعامل الركيزة الأولى التي يمكن أن تعزز مبدأ اللُحمة والأخوّة بين المسلمين، وتساعد على التوافق والاتحاد ضد أي دخيل لا ينتمي إلى روح الدين والخيرية.
اشرف عضو مميز
عدد المساهمات : 486العمر : 24 الموقع : منشأة جريس
موضوع: رد: الأخلاق الحميدة الأربعاء أغسطس 06, 2014 5:24 pm