يعتبر قدماء المصريين هم أول من تنبه إلى هذا الفن الذي يحقق مآربهم في السخرية والتعريض بالحاكم وكل ذي سلطة مستبدة، فكان الفرعوني يستخدم الحيوانات والرموز البسيطة للتعبير عن رأيه الحقيقي في أصحاب العروش، ففي إحدى الأوستراكا (الشقفات) القديمة نرى تصويرًا كروكيًّا لصراع بين القطط والفئران، ويدور ملك الفئران على عجلة حربية تقودها كلبتان ويهجم على حصن تحرسه القطط، ولم يكن هذا بالطبع من فراغ، فلا بد لموقف هام أو أحداث جمَّة وقعت رأى فيها الفنان أن الأعداء أو غيرهم من الصغار الشأن قد تجرءوا وحاربوا من هم أقوى منهم، بل من هم أكثر منهم منعة وحجم.وفن الكاريكاتير فن قديم، كان معروفاً عند المصريين القدماء كما تفضلت ، والآشوريين،
واليونانيين. فأقدم صور ومشاهد كاريكاتيرية، حفظها التاريخ، تلك التي حرص المصري
القديم على تسجيلها، على قطع من الفخار والأحجار الصلبة، وتشمل رسوماً لحيوانات
مختلفة، أُبرزت بشكل ساخر (الأشكال من الرقم 1 إلى الرقم 4)؛ اضطلع برسمها العاملون
في تشييد مقابر وادي الملوك، بدير المدينة، في عصور الرعامسة، ويرجع تاريخها إلى
عام 1250 قبل الميلاد. ولا تُعرف الغاية، التي توخاها الفنان المصري من هذه
الرسومات؛ فلعلها كانت إشارة غير صريحة، إلى العلاقة غير المتوازنة، بين الحاكم
والمحكوم، التي كانت سائدة في تلك الفترة، جسّدها النحاتون في أسلوب ساخر، خفي
المعنى.