بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد
يحكى أنه في وقتٍ مما مضى من الأزمان .. كانت هناك امرأةٌ معروفةٌ بالحسن والجمال .. كالوردة في البستان
تنافس عليها كل الأبطال وضحّى من أجلها الفرسان لم تكن تدع الرجال يبلغوا منها ما أرادوا .. بل تفنيهم قبل الإمكان
وفي يومٍ من الأيام قالت : إن من سأقابله اليوم هو زوجي .. وإن كان من كان ... فخرجت ... فكان أول من قابلت عصام .. وهو من أفقر أهل المدينة لا يملك قوت يومه ..
فقالت له : يا عصام أنا - إن أردت - لك زوجة بأقل الأثمان .. ومن الآن
عصام : لا أصدق يا حسناء هل تهزئين بي
حسناء : لا ورب السماء ... إنما حبُّ الستر والأمان
عصام : ليس لدي مال !!.. ولكن سنذهب إلى فلان فلن يتوانى في مساعدتي .. فذهبوا إلى فلان وهو أغنى من عرفه عصام .. ولا أغنى منه إلاّ السلطان
عصام: يا فلان سلامٌ عليك .. هذه حسناء زوجتي إن شاء الرحمن .. ولكن هل تقرضني شيءً لتعمّ الفرحةُ أرجاء المكان .. فنظر الغني فيها .. فقال في نفسه : أنا أحق من هذا الصعلوك بهذه الحسناء ؛ أنا أملك المال والجاه ... فجاذب الغنيُّ عصام وقال : لن أعطيك شيئاً بل ستكون زوجتي وإن جار الزمان ... احتدم الخلاف بين عصام والغني حتى بلغ إلى مأمور الجند ليفصل بين النزاع فقال كل واحد منهما حجّته وشكايته ..
المأمور : عليّ بالمرأة التي أججت النزاع .. فدخلت فرأى ذلك الحسنُ والجمال ..
فقال المأمور في نفسه : والله ما رأت عيني مثلُ هذا الحسن ولا هذا الجمال .. وأنا المأمور ولن يعصني في المدينة إنسان .. وهي لي من دون الصعلوك والغني الجبان فأنا حامي البلاد وواحدٌ من الشجعان ... فجاذبهما المأمور ليظفر بها وتكون له زوجةً من دونهما .. واشتعل النزاع .. حتى وصل الأمر إلى القاضي .. فلمّا عرض الخصماء قضاياهم ..
القاضي : إلىّ بتلك المرأة التي أغوت الرجال أين هي ..؟؟ فدخلت حسناء .. فرآها ودهش من جمالها.. فدار في نفسه ما دار في أصحابه من قبل .. فنازعهم عليها .. واشتد النزاع .. قالوا : من الذي بقي كي يفصل هذا النزاع .. قالت الحسناء : بقي مولانا السلطان .. عادل الزمان .. فذهب الفقير ( عصام ) والغني ( فلان ) والمأمور والقاضي إلى السلطان .. وكلهم يظن أن ( حسناء ) ستكون له وإن طال الزمان ... ولكن لم يأت السلطان بشيء جديد .. بل أسره هواها .. وقيّده جمالها وأرادها من دونهم .. اشتد الخصام بعد ذلك فكلهم يرجوها لنفسه ... وفي وسط الخصام .. وضجيج الهوام .. صرخت حسناءُ فيهم وقالت : أتيتكم بالجواب .. والحل الصواب
فتهاتفوا جميعاً بصوتٍ واحد : ماهو يا قمرَ الزمان ... قالت : اتبعوني إلى الأرض الفضاء عند بني ( خواء ) وعندها سيكون الجواب ... ذهبوا جميعاً إلى هناك .. ووجدوها في الانتظار .. قالوا : أأمرينا يا قمر الزمان .. فكلنا طوعُ البنان قالت : إني سأركض ركضا سريعاً .. فمن سيدركني أولاً فقد حاز الرهان .. وأخذني معه إلى أي مكان .. قالوا : رضينا
وبالله المستعان أتدرون
ما الذي حدث بعدها؟ .. من الذي ظفر بها ..، نظنه الفقير لقلّة لحمه ..؟
لمّا ركضت الحسناء تبعها الرجال .. وكانت الحسناء سريعة .. وبعد فترة غابت عنهم خلف تلٍّ في الأمام ... فتتابعوا خلفها
هل تعلمون ماذا وجدوا ..؟؟ ماذا يا ترى ..؟؟
لقد كانت أمامهم هاوية سحيقة .. تجذبهم إليها .. فعلموا
أن الحسناء قد خدعتهم ليسقطوا في الهاوية .. ولكن بعد فوات الأوان ... فتدافع الأبطال في الهاوية واحداً تلوَ الآخر حتى هلكوا
.. هذه باختصار هي ( الدنيا ) فقد فتنت وراءها الفقير والغني والقاضي والسلطان .. وكثيرٌ من الناس .. فاحذروا منها ولا تهلككم كما أهلكت غيركم