الحوار بين الأباء والأبناء ثقافة مفقودة ورسالة للقراءة.. تحقيق صحفي
الثلاثاء, 01-مايو-2012 - 13:39:35
نبأ نيوز- مركز الاعلام التقدمي: تحقيق أمل عبده قائد -
الخامري: عقوق الأبناء للأباء يرجع إلى غياب عنصر الحوار والإقناع
العربي: - الأوامر المتسلطة من الوالدين تغلق أبواب الحوار.
- الحوار مع الأبناء يتطلب الذكاء الإجتماعي والمرونة والحكمة
الهدار: - الدين الإسلامي دين الحوار وهو نوع من العبادة..
- يجب على الآباء النزول عند رغبة أبنائهم وتعزيزها
خلافات حادة ومشاهد كثيرة ومختلفة تعصف بالكثير من الأسر اليوم في ظل سوء الفهم وندرة الحوار والنقاش الذي يشوب في أحيان عديدة العلاقة بين الآباء والأبناء، وهو ما يجعل العلاقة بين الطرفين أشبه بالمعركة الحربية التي يسعى فيها كل طرف للإنتصار على الأخر مما يبعد مؤسسة الأسرةبصورة كبيرة عن الدور الذي خلقها الله من أجل القيام به، فلماذا يفشل الأباء فيالحوار مع أبنائهم إن وجد حواراً أصلاً؟ ولماذا أسلوب التسكيت ومنع النقاش الجادبيننا وبين أبنائنا؟؟
"مركز الاعلام التقدمي" فتح هذا الملف في التحقيق الصحفي التالي:
بثينة 21 عاماً تقول: لا يمكنني أن أتحاور مع والدي في أي موضوع مهما كانت أهميته كونه عصبي والتفاهم معه صعب للغاية، إضافة إلىذلك فإن عمله المستمر خارج البيت يشعرنا بعدم وجوده أصلاً.
فيما تقول إشراق 25 عاماً أنها تتمتع بعائلة فريدة متحابة ومتفاهمة وتقول إن والدها يخصص يوم الجمعة للنزهة والحوار مع أبنائه وزوجته خارج المنزل وحل أي مشكلة يمكن من شأنها أن تعكر صفو حياتنا الأسرية، وتتمنى إشراق لكل الأبناء ما تتمتع به حيث لا يوجد أهم من الحوار مع الأبوالأم في تفادي أي مشكلة تصادف حياتنا.
اللجوء للأصحاب
أما محمد 27 عاماً فيقول: إن من أهم أسبابالفشل هما الوالدين فهناك أباء لا يحاولون مسايرة أبنائهم ومعرفة ما يدور حولهم ويقتصر دورهم فقط في إعطاء المصروف، وما إن يحدث خطأً من الأبناء فيكون الضرب هو الحل الأنسب بنظرهم ولا يحاولون معرفة سبب هذا الخطأ وإصلاح الخلل فيه فيضطر الأبناءللجوء إلى من يستمع إليهم.
وقال محمد أنا واحد من هؤلاء الأبناء الذين وقعوا ضحايا الآباء بعد أن عجزت التفاهم مع والدي فكان الأصحاب هم الملجأ الوحيد لي، وما خفي كان أعظم.
إيجاد لغة حوار
يقول الدكتور/ عبد الحافظ الخامري أخصائيعلم الاجتماع إن محبة الآباء لأبنائهم ورغبتهم في أن يكونوا الأفضل على وجه الكرة الأرضية حقيقة لا يمكن نكرانها حتى وإن تعددت طرق الآباء في التعبير عنها وبالرغممن ذلك نضع بعض اللوم على الآباء في عدم محاولتهم إيجاد لغة حوار للأبناء وتفهمطبيعة الجو والبيئة التي أصبح يعيش فيها أبنائهم والتي تختلف تماماً عما عاشوا فيهسابقاً، كذلك لا ننفرد باللوم على الآباء فقط فهناك أبناء يظنون أن بتمردهموانحرافهم وابتعادهم عن أحضان أهاليهم الحل الصارم في وقف تدخلهم في حياتهم، لذالا يجب الشدة من كلا الطرفين والعناد بل يجب أن يفهم الأبناء بأن الأباء يبحثوندائماً عما فيه مصلحة أبنائهم وإن كان ذلك بطريقتهم ومن وجهة نظرهم، ويجب على الإباءمحاولة إيجاد حوار يوصل إلى نتائج أفضل كون البيئة الإجتماعية والعلميةوالتكنولوجية ومعطياتهم تختلف بسرعة رهيبة وتتطلب من الإباء الحذر في التعامل لأن الأبناءأصبحوا يدركون ما يدور حولهم تماماً ولم يعدوا صغاراً وإن كانوا.
وقال الخامري من واقع تجربتي ومعايشتي لمشكلات كثير من البيوت، وصلتُ إلى قناعة مفادها أن كثير من عقوق الأبناء يرجع إلى غياب عنصر الحوار والإقناع في البيت، لا أقول بين الأب وأولاده فحسب بل بين الأب والأم أيضاً، فعندما يجد الأبناء أن مشاكل البيت لا تحل بالحوار والتشاور بلبالأوامر والصراخ، فمن المفهوم والحال كذلك ألا يلجأوا للبيت لحل مشكلاتهم لأنالنتيجة معروفة مسبقاً وهذا قد يوقعهم في شباك المفسدين وما أكثرهم اليوم.
أسباب الفشل
وأشار الخامري إلى أن هناك عدة أسباب لضعفالحوار بين الآباء والأبناء منها:
· انشغال الأبوين عن الأبناء والتي تسبب فقدان الحوار الأسري.
· توجه الأبناء نحو الأصحاب.
· التوبيخ اللفظي والعقاب المستمر.
· افتقار الآباء لثقافة الحوار الأسري مع أبنائهم وعدم معرفتهم بأدواته.
· الأسلوب الخاطئ في عرض مشكلات الأبناء للنقاش وتعتبر أهم أسباب فشل الحوار.
· العلاقة المتوترة بين الوالدين.
· تفرد أحد الوالدين بالقرار.
· أسلوب التحقيق أو التسكيت مع الأبناء.
فن الكلام
من جانبه أكد الدكتور سامي العربي استشاريالطب النفسي والعصبي أنه لابد أن يعتاد الآباء مع أبنائهم فن الكلام والحديث حيثنرى عدم تقبل اهتمامات الأخر سواء من الإباء أو الأبناء مثلاً أن يأتي كلاً منعمله أو مدرسته فيحكي للآخر بشكل حميمي وليس في شكل استجواب أو تحقيق ما مر به في يومه فمن المؤكد إذا قال الوالدين إياكما أن تفعلا هذا وكان الأمر صريحاً وعنيداً فيستوقف الأبناء عن الحديث لكنهما لن يتوقفا عن ممارسة الفعل، لذا فالأمر يتطلب الذكاء الاجتماعي للوالدين والمرونة والحكمة حتى ينشأ حوار مستمر بين أفراد الأسرة ويكتشف الوالدين مواضع الخلل في أبنائهما إن وجدت.
تمترس وسلطة
وأوضح العربي أن إشكالية فشل الحوار بين الآباء والأبناء هي التربية على مدى زمن بعيد أننا كأبناء لابد نسمع فقط وحتى على مستوى متعلمين ومثقفين نرى أن الطابع القديم يغلب على تصرفاتهم، لم يعوا بعد أننا أصبحنا في جيل غير الجيل السابق الذي انتهى دور التمترس فيه، وقال نحن بحاجة إلىأن نسمع شطحة الأبناء وأن نبلعها في بعض الأوقات والتعامل معهم بهدوء ما لم سيعبر عنها بطريقة أخرى والعزوف عنا ليلاقي البديل فيمن يسمعه ويقبله.
وقال العربي لابد على الأب أن يتنازل عن سلطته لأبنائه وفي الوقت نفسه على الأبناء أن يثقوا بمشاعر والديهم وأن يكون هناكدائماً حسن نية في العلاقة، لكن المشكلة تظهر أكثر لو كانت سلطة الأب والأم قاسيةويشعر الأبناء بالقيود والاختناق من والديهما وهو ما نسميه بالحب الخانق في علم النفس، والذي ينتج عن كثرة القلق والهيمنة الزائدة والمتابعة المستمرة وشدة الخوف،كل هذا يقتل الأبناء نفسياً ويسبب لهم مشاكل مؤلمة والتنحي عن الحوار مع والديهمالأن الأوامر المتسلطة تغلق أبواب الحوار.
وأضاف العربي إن الثقة بين الآباء والأبناء هي الأرضية المشتركة التي ينشأ عليهاالحوار الفعال فإذا تسرب إلى الأبناء أن والديهما لا يثقان في تصرفاتهما توقف الحوار تلقائياً وأحس الأبناء بعدم الراحة في الحديث معهما.
الحوار عبادة
وأشار الشيخ حسين محمد الهدار وكيل وزارة الأوقاف لقطاع التوجيه والإرشاد إلى أن الدين الإسلامي هو دين الحوار وهو نوع من العبادة والله سبحانه وتعالى يقول " أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " فالحوار الأسري المتسم بالعنف والتصادم يجعل الأبناء يتخوفون من التصريح بآرائهم، وفرض الآراء نقيض للحوار البناء وهو يعني عدم تقدير الطرف الأخر، بل يجب على الآباء استقطاب أبنائهم للتحاور معهم من خلال بث المحبة وغرسها في نفوسهم، كما يجب على الآباء النزول عند رغبة أبنائهم وتعزيزها خاصة إن كانت محمودة وتوضيح المحاسن الأخلاقية التي تقتضي تحديد اللغة المناسبةللوصول إلى عقولهم حتى تصل الرسالة بشكل مطلوب ومؤثر.
وقال الهدار إن أهم ما يجب مراعاته فيتربية النشء هو أن يحرص كلا الزوجين على احترام الآخر أمام أبنائهما، وعدم إظهار خلافاتهم اأمامهم حتى لا يسقط الأبوين أو إحداهما من عيون أبنائهم، وحتى لا يصبح الأبناء فيصف إحداهما ويوقع في النفوس الصغيرة الكره والبغض الذي يولد الانتقام لدى الأبناء،إلى جانب ذلك حرص الأبوين على سماع أبنائهما من وقت لآخر حتى تولد في نفسيتهم التخاطب مع والديهم وإظهار متطلباتهم وما يعانونه في الحياة اليومية وهذا ما يسمى بكسر حاجز الخوف والانزواء عند الأبناء الذين قد تحيط بهم المخاطر وهم لا يستطيعون إخراج همومهم نظراً للغة التي فرضها عليهم آبائهم بوسيلة القمع والضرب ... الخ.
أخيراً
للحوار أهمية قصوى في التربية بين الأبوين وأبنائهما وعندما يهمل الحوار فإن العلاقات بين أفراد الأسرة تكون علاقات جافة ومتوترة مبهمة، لذلك لابد أن نعمل جميعاً على استخدام لغة الحوار في مناقشاتنا الأسرية ليتم من خلاله استيعاب جميع الأفراد وإنصهارهم في بوتقة واحدة.
فالحوار أساس التواصل والتفاهم بين البشروالحل الأمثل والوحيد لحل المشاكل والنزاعات، فبه يرتقي الإنسان بأسلوبه وكلامه وبرقي الإنسان ترتقي الأمم.
منقول من موقع نبأ نيوز